حكم اللعب بالدونيو
في حكم اللعب بالدومينو والشطرنج والدامَّة لشيخ أبي عبد المعز فركوس حفظه الله
في حكم اللعب بالدومينو والشطرنج والدامَّة لشيخ أبي عبد المعز فركوس حفظه الله
السؤال: هل يجوز اللعب بالدومينو والشطرنج والدامَّة ؟
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فلا خلاف في حرمة الدامَّة والدومينو والشطرنج إذا كان اللعب بها بعوضٍ ماليٍّ، أو ترتَّب عليها ترك واجبٍ اتجاه ربِّهِ كتأخير الصلاة عن وقتها، أو اتجاه غيره ممَّا تتوقف عليه مصالح عياله وذويه، أو كان اللعب بها مما تضمَّن زورًا من القول أو فحشًا أو كذبا أو كلامًا بذيئًا ونحو ذلك، فإنَّ هذا محرَّمٌ باتِّفاق أهل العلم.
أمَّا إن خلا من ذلك، فإنَّ الأصل في الأشياء على الجواز والإباحة، لعدم ورود أيِّ نصٍّ على تحريمها ولا قياسٍ صحيحٍ يُعَوَّل عليه في منعها، وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قوله: «الحَلاَلُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ»(١)، والقول بالإباحة هو مذهب الشافعية(٢) وقد نُقل عن الإمام الشعبيِّ أنه كان يلعب بالشطرنج(٣)، أمَّا ما عليه جمهور الحنفية والمالكية والحنابلة فهو القول بالتحريم وبهذا أفتت اللجنة الدائمة(٤)، وما اعتمدوه من أحاديثَ نبويةٍ لم يصحَّ منها شيءٌ كحديث: «مَلْعُونٌ مَنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ، وَالنَّاظِرُ إِلَيْهَا كَآكِلِ لَحْمِ الخِنْزِيرِ»(٥)، أمَّا أثر عليٍّ رضي الله عنه أنه مرَّ على قومٍ يلعبون بالشطرنج فقال: «مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ»(٦) فعلى تقدير صحَّته فليس فيه حجَّةٌ، خاصَّةً وأنَّ الحديث لم يظهر فيه وجه الإنكار لاحتمال أنه كان يسألهم عن شيءٍ لم يعرفه من قبلُ، أو أنه أنكر عليهم العكوف إليها وطول المكث باللعب، الأمر الذي يفضي إلى تعطيل المصالح والالتزامات والواجبات، وإذا كان بهذا الاعتبار فإنه قد تقدَّم في تحرير محلِّ النزاع ممنوعيَّتُه، وأمَّا قياسه على النرد فهو قياسٌ مع ظهور الفارق لأنَّ النرد كالأزلام قائمٌ على المصادفة والحظِّ بخلاف الدامَّة والشطرنج والدومينو فهي أشبه بالمسابقات القائمة على الحذق والتدبير.
هذا، وأخيرًا فإنه بغضِّ النظر عن حكم جواز هذه الألعاب إن خلت من المحاذير الشرعية المتقدِّمة، إلاَّ أنَّني أنصح بالاهتمام بالقرآن الكريم تلاوةً وحفظًا وعلمًا وعملاً، فإنَّ العناية به ممَّا يحيي القلوبَ، وينير الصدور، ويُذهب الهمومَ والأحزان.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في: ٧ جمادى الأولى ١٤٢٧ﻫ
المـوافق ﻟ: ٣ جـوان ٢٠٠٦م
____________________
(١) أخرجه الترمذي في «اللباس» (١٨٣٠)، وابن ماجه في «الأطعمة» (٣٤٩٢)، والحاكم في «المستدرك» (٧١١٥)، والبيهقي (١٩٨٧٣)، من حديث سلمان رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (٣١٩٥)، وضعَّفه في «غاية المرام» (٣)
(٢) «مغني المحتاج» للشربيني (٤/ ٤١٢)، «نهاية المحتاج» للرملي (٨/ ١٦٥)، «الحاوي» للماوردي (١٧/ ١٨٧).
(٣) أخرجه عبد الرزَّاق في «المصنَّف» (١٠/ ٧٠)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (١٠/ ٢١١).
(٤) انظر: «فتاوى اللجنة الدائمة» (١٥/ ٢٠٧).
(٥) أخرجه الديلمي (٤/ ٦٣)، قال السخاوي في المقاصد الحسنة: (٥٠٠): «لا يصحُّ بل لم يثبت من المرفوع في هذا الباب شيءٌ»، وقال الشوكاني في «الفوائد المجموعة» (٢٠٧): «لا يصحُّ»، وقال الألباني في «صحيح الجامع» (٥٢٧٧): «موضوع»، وانظر: «السلسلة الضعيفة» (١١٤٥).
(٦) أخرجه البيهقي في «سننه» في «الشهادات» باب الاختلاف في اللعب بالشطرنج (٢١٥٣٢)، وفي «شعب الإيمان» (٦٥١٨)، عن الأصبغ بن نباتة عن عليٍّ رضي الله عنه. وأخرجه البيهقي في «سننه» (٢١٥٣٢)، والآجرِّيُّ في تحريم النرد (ق٤٣/ ١)، وابن أبي الدنيا في «ذمِّ الملاهي» (٤٧)، من طريق ميسرة بن حبيب. والحديث صحَّحه ابن حزمٍ في «المحلَّى» (٩/ ٦٣)، وقال عنه ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٢٤٤): «ثابت»، وصحَّحه ابن القيِّم في «الفروسية» (٣١٠)، وضعَّفه الألباني في «إرواء الغليل» (٨/ ٢٨٨).
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فلا خلاف في حرمة الدامَّة والدومينو والشطرنج إذا كان اللعب بها بعوضٍ ماليٍّ، أو ترتَّب عليها ترك واجبٍ اتجاه ربِّهِ كتأخير الصلاة عن وقتها، أو اتجاه غيره ممَّا تتوقف عليه مصالح عياله وذويه، أو كان اللعب بها مما تضمَّن زورًا من القول أو فحشًا أو كذبا أو كلامًا بذيئًا ونحو ذلك، فإنَّ هذا محرَّمٌ باتِّفاق أهل العلم.
أمَّا إن خلا من ذلك، فإنَّ الأصل في الأشياء على الجواز والإباحة، لعدم ورود أيِّ نصٍّ على تحريمها ولا قياسٍ صحيحٍ يُعَوَّل عليه في منعها، وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قوله: «الحَلاَلُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ»(١)، والقول بالإباحة هو مذهب الشافعية(٢) وقد نُقل عن الإمام الشعبيِّ أنه كان يلعب بالشطرنج(٣)، أمَّا ما عليه جمهور الحنفية والمالكية والحنابلة فهو القول بالتحريم وبهذا أفتت اللجنة الدائمة(٤)، وما اعتمدوه من أحاديثَ نبويةٍ لم يصحَّ منها شيءٌ كحديث: «مَلْعُونٌ مَنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ، وَالنَّاظِرُ إِلَيْهَا كَآكِلِ لَحْمِ الخِنْزِيرِ»(٥)، أمَّا أثر عليٍّ رضي الله عنه أنه مرَّ على قومٍ يلعبون بالشطرنج فقال: «مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ»(٦) فعلى تقدير صحَّته فليس فيه حجَّةٌ، خاصَّةً وأنَّ الحديث لم يظهر فيه وجه الإنكار لاحتمال أنه كان يسألهم عن شيءٍ لم يعرفه من قبلُ، أو أنه أنكر عليهم العكوف إليها وطول المكث باللعب، الأمر الذي يفضي إلى تعطيل المصالح والالتزامات والواجبات، وإذا كان بهذا الاعتبار فإنه قد تقدَّم في تحرير محلِّ النزاع ممنوعيَّتُه، وأمَّا قياسه على النرد فهو قياسٌ مع ظهور الفارق لأنَّ النرد كالأزلام قائمٌ على المصادفة والحظِّ بخلاف الدامَّة والشطرنج والدومينو فهي أشبه بالمسابقات القائمة على الحذق والتدبير.
هذا، وأخيرًا فإنه بغضِّ النظر عن حكم جواز هذه الألعاب إن خلت من المحاذير الشرعية المتقدِّمة، إلاَّ أنَّني أنصح بالاهتمام بالقرآن الكريم تلاوةً وحفظًا وعلمًا وعملاً، فإنَّ العناية به ممَّا يحيي القلوبَ، وينير الصدور، ويُذهب الهمومَ والأحزان.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في: ٧ جمادى الأولى ١٤٢٧ﻫ
المـوافق ﻟ: ٣ جـوان ٢٠٠٦م
____________________
(١) أخرجه الترمذي في «اللباس» (١٨٣٠)، وابن ماجه في «الأطعمة» (٣٤٩٢)، والحاكم في «المستدرك» (٧١١٥)، والبيهقي (١٩٨٧٣)، من حديث سلمان رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (٣١٩٥)، وضعَّفه في «غاية المرام» (٣)
(٢) «مغني المحتاج» للشربيني (٤/ ٤١٢)، «نهاية المحتاج» للرملي (٨/ ١٦٥)، «الحاوي» للماوردي (١٧/ ١٨٧).
(٣) أخرجه عبد الرزَّاق في «المصنَّف» (١٠/ ٧٠)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (١٠/ ٢١١).
(٤) انظر: «فتاوى اللجنة الدائمة» (١٥/ ٢٠٧).
(٥) أخرجه الديلمي (٤/ ٦٣)، قال السخاوي في المقاصد الحسنة: (٥٠٠): «لا يصحُّ بل لم يثبت من المرفوع في هذا الباب شيءٌ»، وقال الشوكاني في «الفوائد المجموعة» (٢٠٧): «لا يصحُّ»، وقال الألباني في «صحيح الجامع» (٥٢٧٧): «موضوع»، وانظر: «السلسلة الضعيفة» (١١٤٥).
(٦) أخرجه البيهقي في «سننه» في «الشهادات» باب الاختلاف في اللعب بالشطرنج (٢١٥٣٢)، وفي «شعب الإيمان» (٦٥١٨)، عن الأصبغ بن نباتة عن عليٍّ رضي الله عنه. وأخرجه البيهقي في «سننه» (٢١٥٣٢)، والآجرِّيُّ في تحريم النرد (ق٤٣/ ١)، وابن أبي الدنيا في «ذمِّ الملاهي» (٤٧)، من طريق ميسرة بن حبيب. والحديث صحَّحه ابن حزمٍ في «المحلَّى» (٩/ ٦٣)، وقال عنه ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٢٤٤): «ثابت»، وصحَّحه ابن القيِّم في «الفروسية» (٣١٠)، وضعَّفه الألباني في «إرواء الغليل» (٨/ ٢٨٨).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق